منتديات المبدعين العرب
اهلا بك معانا اتفضل بالتسجيل لتسفيد وتفيد اخوانك معانا وشكرا و اهلا بك زائر
منتديات المبدعين العرب
اهلا بك معانا اتفضل بالتسجيل لتسفيد وتفيد اخوانك معانا وشكرا و اهلا بك زائر
منتديات المبدعين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات المبدعين العرب

ام عليكم و رحمة الله وبركاته ... اهلا و مرحبا بكم فى منتديات المبدعين العرب و نتشرف بتسجيلكم من اجل تشجيع الاعضاء و الادمن على نشر الموضيع اكثر | من اشهر المنتديات المتخصصة فى منتديات المبدعين العرب تعليمية, دعم, ارشفة, هاكات, استايلات, رياضة, عصر ومجتم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
خطبة الجمعة عنوانها فضائل شهر شعبان 734991492خطبة الجمعة عنوانها فضائل شهر شعبان 331937778
كل ما يوجد فى المنتدى مجانى ولن نخفى رابط عن احد تم انشاء هذا المنتدى لتعم الفائدة ولا ننتظر الا ارضاء اللة عز وجل
آللهم أحفظ مصر أهلها آللهم أحفظهم بحفظك
هل تمتلك حساب ؟ تسجيل
Cool Purple
    Outer Glow Pointer
التسجيل السريع
سجلاتنا تفيد بانك غير مسجل .. يرجى التسجيل..
اسم العضو
البريد الالكتروني كلمة السر
ملاحظة
كلمة السـر يجـب أن تتكـــون مـن حـروف وأرقــام.
يوم شهر عام
هل أنت موافق على قوانين المنتدى؟

 

 خطبة الجمعة عنوانها فضائل شهر شعبان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مصطفي رمضان
مشرف عام
مشرف عام



عدد المساهمات : 374
تاريخ التسجيل : 17/06/2013
العمر : 24

خطبة الجمعة عنوانها فضائل شهر شعبان Empty
مُساهمةموضوع: خطبة الجمعة عنوانها فضائل شهر شعبان   خطبة الجمعة عنوانها فضائل شهر شعبان Icon_minitimeالجمعة يوليو 19, 2013 8:00 am


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُها، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

وَبَعْدُ؛ فَيَا عِبَادَ اللهِ: قَدْ صَحَّ وَثَبَتَ عَنْ نَبِيِّ الْإِسْلَامِ رَسُولِنَا الْكَرِيمِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ- أَنَّهُ قَالَ: »إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ أَلَا فَتَعَرَّضُوا لَهَا وَسَلُوا اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَأَنْ يُؤْمِنَ رَوْعَاتِكُمْ«؛ هَذَا الْحدِيثُ الْجَلِيلُ يُبيِّنُ أَمْرَيْنِ مُهِمَّيْنِ يَجِبُ عَلَى عَبِيدِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنَّ يَتَنَبَّهُوا إِلَيْهِ وَأَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَيْهِ؛ أَوَّلُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ: هُوَ التَّحَيُّنُ لِلأَوْقَاتِ الْمُبَارَكَةِ وَلِلأَزْمِنَةِ الْفَاضِلَةِ؛ فَاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى-وَلَهُ الشَّأنُ كُلُّهُ، وَلَهُ الْخِيَرَةُ كُلُّهَا- اخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ أَشْخَاصًا وَأَزْمَانًا وَأَمْكِنَةً جَعَلَ لَهَا مِنَ الْفَضْلِ، وَجَعَلَ لَهَا مِنَ الْمَزَايَا مَا قَدْ يَكُونُ لَهَا -فَقَطْ- وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهَا. وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي: فَهُوَ أَنْ يُحَافِظَ الْعَبْدُ عَلَى دُعَاءٍ يَكُونُ فِيهِ نَجَاتُهُ، وَتَكُونُ فِيهِ حِمَايَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؛ فَسَلُوا اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ وَأَنْ يُؤْمِنَ رَوْعَاتِكُمْ. فنَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ-جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَعَظُمَ فِي عَالِي سَمَاهُ- أَنْ يَسْتُرَ مِنَّا الْعَوْرَاتِ، وَأَنْ يُؤْمِنَنَا فِي الرَّوْعَاتِ؛ إِنَّهُ -سُبْحَانَهُ- وَلَيُّ ذَلِكَ، وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.

وَمِنْ هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْمُبَارَكَةِ، وَهَذِهِ النَّفَحَاتِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي اخْتَصَّ اللهُ -تَعَالَى- بِهَا بَعْضَ الزَّمَانِ هَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا؛ فَنَحْنُ فِي غُرَّةِ شَهْرِ شَعْبَانَ؛ هَذَا الشَّهْرُ الْكَرِيمُ الَّذِي يَأْتِي بَيْنَ رَمَضَانَ وَرَجَبٍ؛ فَيَكُونُ تَالِيًا لِرَجَبٍ وَسَابِقًا [لِرَمَضَانَ] حَتَّى كَانَ لَهُ خُصُوصِيَّةٌ -بَلْ خَصَائِصُ مُتَعَدِّدَةٌ- ذَكَرَهَا لَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ-تَعَالَى-عَنْهُما- قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللهِ! مَا لِي أَرَاكَ تَصُومُ فِي شَعْبَانَ أَكْثَرَ مِمَّا تَصُومُ فِي غَيْرِهِ؟) يَعْنِي: مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ -وَهُوَ الشَّهْرُ الْمَفْرُوضُ صِيَامُهُ-؛ فقَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلامُ-: »شَهْرُ شَعْبَانَ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ، تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى اللهِ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُرْفَعَ أَعْمَالِي فِيهِ إِلَى اللهِ وَأَنَا صَائِمٌ« هَذَا حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ- الَّذِي بَيَّنَ فِيهِ غَفْلَةَ النَّاسِ -بَلْ أَكْثَرِ النَّاسِ- عَنْ صِيَامِ هَذَا الشَّهْرِ، وَعَمَّا فِيهِ مِنْ فَضَائِلَ، وَعَمَّا فِيهِ مِنْ مَزَايَا وَخَصَائِصَ مِمَّا قَدْ لَا يَتَنَبَّهُ لَهُ الْكَثِيرُونَ -بَلْ قَدْ يَغْفُلُ عَنْهُ وَيُغْفِلُهُ الْأَكْثَرُونَ-.

وَأَمَّا هَذَا الشَّهْرُ؛ فَاسْمُهُ شَعْبَانُ، وَلِهَذَا الْاسْمِ مَعْنًى عِنْدَ الْعَرَبِ؛ فَقَدْ ذَكَرَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ: أَنَّ شَعْبَانَ سُمِّيَ بِهَذَا الاسْمِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَكُونُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مُمْتَنِعَة عَنِ الْحَرْبِ وَمُمْتَنِعَة عَنِ الْقِتَالِ -لِأَنَّهُ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحَرَامِ وَمِنَ الْأَشْهُرِ الْمُحَرَّمَةِ-، فَإِذَا انْقَضَى شَهْرُ رَجَبٍ تَشَعَّبَ الْعَرَبُ لِلْقِتَالِ، وَتَشَعَّبَ الْعَرَبُ لِيَأْخُذُوا أُمُورَهُمْ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ وُجُودُهُمْ مِنْ خِلَالِ مَا كَانَ يَجْرِي بَيْنَ الْقَبَائِلِ؛ فَشَعْبَانُ مِنَ الشُّعَبِ أَوْ مِنَ التَّشَعُّبِ. وَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ هَذَّبَ كَثِيرًا مِنْ أَخْلَاقِ الْعَرَبِ، وَهَذَّبَ كَثِيرًا مِنْ سُلُوكِيَّاتِهِمْ، وَحَافَظَ عَلَى مَا كَانُوا فِيهِ مُوَافِقِينَ لِلفِطْرَةِ، غَيْرَ مُغَيِّرِينَ، وَغَيْرَ مُبَدِّلِينَ، فَكَانُوا فِي بَقَايَا مِنْهُمْ- عَلَى شَيْءٍ مِنْ فِطْرَةِ اللهِ -بِالرُّغْمِ مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ جَاهِلِيَّةٍ جَهْلَاءَ، وَمِنْ عَمَايَةٍ سَوْدَاءَ-أَعَاذَنَا اللهُ -تَعَالَى-وَإِيَّاكُمْ-.

وَلَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ -رَضِيَ اللهُ-تَعَالَى-عَنْهُم- يُسَمُّونَ شَهْرَ شَعْبَانَ (شَهْرَ الْقُرَّاءِ)، كَمَا وَرَدَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: (شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ الْقُرَّاءِ)، وَقَالَ غَيْرُهُ: (شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ الْقُرْآنِ)، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا اسْتِعْدَادًا، وَتَهْيِئَةً لِلنُّفُوسِ، وَاسْتِعْدَادًا لِلْجَوَارِحِ وَالْأَبْدَانِ؛ حَتَّى تَسْتَقْبِلَ هَذَا الشَّهْر، وَحَتَّى تَتَهَيَّأَ لَهُ؛ لِذَلِكَ مِنْ ضِمْنِ هَذَا التَّهَيُّؤِ، وَمِنْ ضِمْنِ هَذِهِ التَّهْيِئَةِ: مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي »مُسْنَدِهِ« -رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّهُ قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ-: »إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا«؛ فَالسُّنَّةُ -وَلَوْ مِنْ بَابِ الْأَحْوَطِ، وَأَقُولُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْخِلَافَ لِأَمَانَةِ الْعِلْمِ وَأَدَاءً لِحَقِّهَا-؛ أَقُولُ: صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: »إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَأَمْسِكُوا عَنِ الصِّيَامِ« -فِي رِوَايَةٍ-، وَفِي رِوَايَةٍ: »فَلَا تَصُومُوا«، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى: »فَأَمْسِكُوا عَنِ الصِّيَامِ« فِيهِا فَائِدَةٌ: وَهِيَ أَنَّ الْخِطَابَ لِمَنْ هُوَ مُعْتَادٌ عَلَى الصِّيَامِ، وَلِمَن هُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالصِّيَامِ أَنْ يُمْسِكَ عَنِ الصِّيَامِ، وَلَا يُقَالَ: (أَمْسِكْ) لِمَنْ هُوَ -أَصْلًا- غَيْرُ قَائِمٍ بِالصِّيَامِ، أَوْ غَيْرُ مُتَلَبِّسٍ بِفِعْلٍ مُعَيَّنٍ؛ فَهَذَا مِنْ نَفْسِ الْبَابِ، وَمِنْ نَفْسِ الطَّرِيقَةِ وَالْحَقِيقَةِ: أَنَّ النُّفُوسَ يَجِبُ أَنْ تَتَهَيَّأَ لِشَهْرِ الصِّيامِ، لِشَهْرِ الْقُرْآنِ؛ حَتَّى يَكُونَ -ثَمَّةَ- مِيزَةٌ خَاصَّةٌ لِشَهْرِ رَمَضَانَ، هَذَا الشَّهْرُ الْعَظِيمُ الَّذِي نَحْنُ عَلَى بُعْدِ أَسَابِيعَ مِنْهُ -سَائِلِينَ اللهَ-تَبَارَكَ وتَعَالَى- أَنْ يُبَلِّغَنَا إِيَّاهُ، وَأَنْ يُعِينَنَا فِيهِ عَلَى الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، وَعَلَى الْالْتِزَامِ بِالْأَحْكَامِ، وَعَلَى الثَّبَاتِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ-.

شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرٌ عَظِيمٌ، فِيهِ يَوْمٌ فِيهِ مَزِيَّةٌ عَلَى كُلِّ أَيَّامِ الْعَامِ؛ وَهُوَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ. لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ صَحَّتْ فِيهِا فَضِيلَةٌ، وَلَمْ تَصِحَّ فِيهِا فَضَائِلُ أُخَرُ ذُكِرَتْ فِي كُتُبِ السِّيَرِ، وَنُقِلَتْ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَفِي كُتُبِ الْفِقْهِ؛ لَكِنَّ الثَّابِتَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَقَطْ-فِي ذَلِكَ-؛ أَنَّهُ قَالَ: »إِنَّ اللهَ يَطَّلِعُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِخَلْقِهِ جَمِيعًا إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ«.

فَتَفَقَّدُوا أَنْفُسَكُمْ -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ فِي اللهِ!-، تَفَقَّدُوا قُلُوبَكُمْ، تَفَقَّدُوا أَلْسِنَتَكُمْ، تَفَقَّدُوا جَوَارِحَكُمْ؛ فَإِنَّ الْإِيمَانَ قَولٌ بِاللِّسَانِ، وَاعْتِقَادٌ بِالْقَلبِ وَالْجَنَانِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِِحِ وَالْأَرْكَانِ؛ يَزِيدُ بِطَاعَةِ الرَّحْمَنِ، [وَيَنْتقِصُ بِطَاعَةِ الشَّيْطَانِ]؛ فَاحْذَرُوا أَنْ تُلَابِسُوا، أَوْ أَنْ تَتَلَبَّسُوا بِشَيْءٍ مِمَّا فِيهِ مُخَالَفَةُ هَذَا الْأَمْرِ، وَمِمَّا فِيهِ مُخَالَفَةُ هَذَا الْمَعْنَى؛ فَكُلُّ زِيَادَةٍ فِي الْعَمَلِ زِيَادَةٌ فِي الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، وَكُلُّ انْتِقَاصٍ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِ انْتِقَاصٌ لِلْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى. فَهَذَا نَبِيُّ الْإِسْلَامِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ- يَقُولُ -وَقَوْلُهُ الْحَقُّ، وَقَوْلُهُ الصِّدْقُ-: »إِنَّ اللهَ يَطَّلِعُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ«.

وَالشِّرْكُ أَنْوَاعٌ: مِنْهُ الشِّـرْكُ الْقَوْلِيُّ، وَمِنْهُ الشِّـرْكُ الْعَمَلِيُّ، وَمِنْهُ الشِّـرْكُ الاعْتِقَادِيُّ؛ فَيَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ -وَإِنْ تَفَاوَتَتْ دَرَجَاتُ شَرِّ الشِّـرْكِ هَذِهِ-؛ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَهَا -جَمِيعًا-، وَأَنْ يَحْذَرَهَا جَمِيعًا، لَا أَنْ يَتَهاوَنَ وَأَنْ يُسَهِّلَ وَأَنْ يَقُولَ: هَذَا أَمْرٌ يَسِيرٌ! هَذَا أَمْرٌ خَفِيفٌ! هَذَا أَمْرٌ مِنَ الْقُشُورِ!! هَذِهِ فَلْسَفَاتٌ شَيْطَانِيَّةٌ، وَإِنْ جَاءَتْ عَلَى بَعْضِ أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ؛ فَالوَاجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا، وَالْمُحَاذَرَةُ عَنْهَا، وَالتَّحْذِيرُ مِنْ شَرِّهَا وَخَطَرِهَا -مَا اسْتَطَاعَ الْمُؤْمِنُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا-. وَفِي هَذَا التَّحْذِيرِ تَحْقِيقٌ لِمَعْنَى قَوْلِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَالْعَصْـرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْـرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}؛ فَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ، وَالتَّوَاصِي بِالصَّبْرِ لَا تَكُونُ لَهُ حَقِيقَةٌ مَوْجُودَةً حَقَّ الْوُجُودِ إِلَّا بِأَنْ يُحَذِّرَ بَعْضُنَا بَعْضًا مِمَّا فِيهِ مُخَالَفَةُ الشَّـرْعِ، إِلَّا بِأَنْ يُوصِيَ بَعْضُنَا بَعْضًا بِمَا فِيهِ مُتَابَعَةُ الْأَمْرِ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا}، وكَمَا قَالَ -تَعَالَى-: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ! أَيُّهَا الْإِخْوَةُ فِي اللهِ! إِنَّ الشِّرْكَ وَالشَّحْنَاءَ الَّتِي قَدْ تَرِدُ عَلَى الْقُلُوبِ، وَقَدْ تَصِلُ إِلَى الْجوَارِحِ وَالْأَفْعَالِ وَالْأَلْسِنَةِ؛ يَجِبُ نَبْذُهَا نَبْذَ النَّوَاةِ، وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا وَالْمُحَاذَرَةُ عَنْهَا؛ حَتَّى لَا نَكُونَ مَحْرُومِينَ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ، حَتَّى لَا نَكُونَ مَحْرُومِينَ مِنْ هَذَا الْأَجْرِ، حَتَّى لَا نَكُونَ مَحْرُومِينَ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ، فَأَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَحْرُومِينَ، وَلَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَرْحُومِينَ؟! مَنْ رَضِيَ لِنَفْسِهِ الْحِرْمَانَ؛ فَهُوَ شَقِيٌّ، وَمَنْ نَبَذَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ رَاضِيًا مَرْضِيًّا، وَهَادِيًا مَهْدِيًّا، وَقَاضِيًا بِعَظِيمِ الرَّجَاءِ وبكثيرٍ مِنَ الرَّغْبَةِ بِمَا عِنْدَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مِنَ الثَّوَابِ؛ فَلَهُ الرَّحْمَةُ وَلَهُ الرِّضَا. فَالشِّرْكُ بِاللهِ مِنْ مُحْبِطَاتِ الْأَعْمَالِ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، وَالْحِقَدُ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَعْرِفُ الْحِقْدُ قُلُوبَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا نُفُوسَهُمْ، وَالنَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ- بَيَّنَ أَنَّ مَخْمُومَ الْقَلْبِ هُوَ الَّذِي لَا حِقْدَ وَلَا غِلَّ وَلَا غِشَّ.

فَلْنَحْرِصْ جَمِيعًا عَلَى أَنْ نَكُونَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَفِي هَذَا الإطارِ، وَفِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ أَنْ نُهَيِّئَ أَنْفُسَنَا لِنَنْظُرَ وَنُرَاقِبَ وَنَتَرَقَّبَ: أَيْنَ أَفْعَالُنَا؟ أَيْنَ قُلُوبُنَا؟ أَيْنَ أَلْسِنَتُنَا؟ أَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورُ الشِّـرْكِيَّةُ، حَتَّى لَوْ صَغُرَتْ وَحَقُرَتْ وَتَضَاءَلَتْ {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}، وَانْظُرْ فِي نَفْسِكَ -يَا عَبْدَ اللهِ- أَلَكَ شَحْنَاءُ وَحِقْدٌ عَلَى جَارٍ أَوْ صَدِيقٍ أَوْ عَزِيزٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ؟ وَالشَّحْنَاءُ مَا كَانَتْ مُتَمَحِّضَةً مِنْ أَعْمَالِ الدُّنْيَا، وَمِنْ شُؤُونِ الدُّنْيَا؛ بِأَنْ يَكُونَ سَخَطُكَ وَغَضَبُكَ لَيْسَ لِله، وَلَيْسَ لِشَرِيعَةِ اللهِ؛ وَإِنَّمَا رَدَّةُ فِعْلٍ، أَوِ اتِّخَاذُ مَوْقِفٍ بِسَبَبِ الدُّنْيَا أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: »مَنْ أَحَبَّ للهِ، وَكَرِهَ للهِ، وَأَعْطَى للهِ، وَمَنَعَ للهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ«، وَيَقُولُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ-: »أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ: الْحُبُّ فِي اللهِ، وَالبُغْضُ فِي اللهِ«. إِذَا نَظَرْتَ إِلَى نَفْسِكَ -بِلِسَانِكَ وَقَلْبِكَ وَجَارِحَتِكَ-، وَأَيْقَنْتَ أَنَّ هَذِهِ الشَّحْنَاءَ الَّتِي تَقْتَنِصُهَا فِي قَلْبِكَ نَحْوَ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو إِنَّمَا هِيَ للهِ؛ فَاثْبُتْ عَلَى أَمْرِ اللهِ، فَهَذَا هَجْرٌ شَرْعِيٌّ لَكَ فِيهِ أَجْرٌ وَمَثُوبَةٌ. وَإِنْ كَانَتْ نَفْسُكَ قَدْ لَعِبَتْ عَلَيْكَ وَأَتْعَبَتْكَ، وَحَرَّفَتْ نِيَّتَكَ إِلَى السُّوءِ وَالْبَلَاءِ، وَلَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ؛ أَقُولُ: فَاحْرِصْ أَنْ تُجَاهِدَ نَفْسَكَ، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}، احْرِصْ أَنْ تُجَاهِدَ نَفْسَكَ عَلَى نَبْذِ هَذِهِ الْمُشَاحَنَةِ، وَعَلَى نَبْذِ تِلْكُمُ الشَّحْنَاءِ، وَاحْرِصْ أَنْ تَكُونَ أَنْتَ الْبَادِئَ بِالْخَيْرِ؛ حَتَّى تَكُونَ نَائِلًا لِأَعْظَمِ أَبْوَابِ الْأَجْرِ وَالثَّوَاب مِنَ اللهِ -تَبَارَكَ وتَعَالَى-. أَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُمْ لِلْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الْهَادِي الصَّادِقِ الْوَعْدِ الْأَمِينِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ -رَضِيَ اللهُ-تَعَالَى-عَنْهُمْ-أَجْمَعِينَ-.

مِمَّا يَتَدَاوَلُهُ النَّاسُ، وَيُذْكَرُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَتُوَزَّعُ فِيهِ بَعْضُ النَّشَـرَاتٍ -فِي مِثْلِ أَيَّامِ شَعْبَانَ الْمُبَارَكَةِ الَّتِي نَتَفَيَّأُ ظِلَالَهَا- حَدِيثٌ يَذْكُرُونَهُ أَنَّهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَثْبُتْ؛ بَلْ قَدْ ذَكَرَ أَئِمَّةُ الْعِلْمِ وعُلَمَاءُ السُّنَّةِ وَعُلَمَاءُ الْحَدِيثِ مِنَ الْمُخْتَصِّينَ فِي هَذِهِ الْعُلُومِ الدَّقِيقَةِ، وَفِي هَذِهِ الْفُنُونِ الْعَمِيقَةِ؛ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي فَضْلِ شَعْبَانَ مِنْ خُصُوصِيَّةٍ إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ -ذَلِكَ- الْمُتَدَاوَلُ وَالَّذِي فِيهِ: »إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَقُومُوا لَيْلَهُ وَصُومُوا نَهَارَهُ«؛ فَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ وَلَا يَثْبُتُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَالنَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ- يَقُولُ: »إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي، إِلَّا مَا عَلِمْتُمُوهُ صِدْقًا وَعَدْلًا«، وَفِي مَعْنَاهُ: الْحَدِيثُ الَّذِي حَسَّنَهُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ-: »اتَّقُوا الْحَدِيثَ عَنِّي إِلَّا مَا عَلِمْتُمْ«، وَيَقُولُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ-: »إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ«، وَيَقُولُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ-: »مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى« أَيْ: يُظَنُّ »يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ؛ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ«. يَقُولُ الْإِمَامُ ابْنُ حِبَّانَ شَارِحًا هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: (فَالَّذِي يَشُكُّ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ صَحِيحٌ أَوْ ضَعِيفٌ مِنْ غَيْرِ تَأَكُّدٍ مِنْ صِحَّتِهِ؛ كَالكَاذِبِ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)؛ فَكَيْفَ بِبَعْضِ النَّاسِ مِمَّنْ يُورِدُونَ أَحَادِيثَ لَا خِطَامَ لَها وَلَا زِمَامَ، ثُمَّ يَنْسِبُونَهَا وَيُسْنِدُونَهَا وَيَجْزِمُونَ بِنِسْبَتِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! فَهَذَا خَطَأٌ كَبِيرٌ وَخَطَرٌ كَثِيرٌ.

وَمِمَّا يَجِبُ أَنْ نُنَبِّهَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتِنَا وَبَنَاتِنَا وَأَخَوَاتِنَا وَزَوْجَاتِنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِقَضَاءِ أَيَّامِ الْفِطْرِ الَّتِي قَدْ أَذِنَ اللهُ لَهُنَّ بِفِطْرِهَا بِسَبَبِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ؛ فَكَثِيرٌ مِنَ النِّسَاءِ تَرَاهَا تُؤَجِّلُ الْقَضَاءَ إِلَى شَهْرِ شَعْبَانَ، وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ تُعَجِّلَ حَتَّى إِذَا جَاءَ شَعْبَانُ أَقْبَلَتْ عَلَى صِيَامِ النَّافِلَةِ، وَأَقْبَلَتْ عَلَى المُتَابَعَةِ والاتِّبَاعِ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي كَانَ يُكْثِرُ مِنْ صِيَامِ شَعْبَانَ -كَمَا قَدَّمْنَا-.

وَبَعْضُ الْمُتَفَقِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ -وَقَلِيلٌ مَا هُنَّ- تَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَصُومُ مَا عَلَيْهَا مِنَ الْقَضَاءِ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، وَتَقِفُ! مَعَ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ لَفْظَيْنِ يُفَسِّرَانِ فِقْهَ الْحَدِيثِ، وَيُفقِّهَانِ الْغَائِبَ عَنْ فَهْمِهِ الصَّحِيحِ؛ أَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُولَى: فَهُوَ قَوْلُهَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: (لِمَا كَانَ يَشْغَلُنِي مِنْ شَأْنِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)؛ إِذَنْ: كَانَتْ تُؤَخِّرُ ذَلِكَ لِسَبَبِ شُغْلِهَا وَانْشِغَالهَا بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمَنْ مِثْلُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!؟ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى الْمُفَسِّرَةُ -أَيْضًا- قَالَتْ: (حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-). إِذَنْ: لَمَّا تُوُفِّيَ الرَّسُولُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- لَمْ تَكُنْ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- تُؤَخِّرُ شَيْئًا مِنَ الْقَضَاءِ إِلَى هَذِا الْوَقْتِ وَإِلَى هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ.

وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ وَأَنْ يُنَبَّهَ عَلَيْهِ: أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ وَقَبْلَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، يَقُولُ فِي نَفْسِهِ: (أُرِيدُ أَنْ أَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ؛ لَعَلَّهُ يَكُونُ هَذَا الْيَوْمُ رَمَضَانَ، وَنَحْنُ لَا نَدْرِي! لَعَلَّنَا أَخْطَأْنَا الرُّؤْيَةَ، لَعَلَّنَا لَمْ نَكْتَشِفِ الْهِلَال؛ فَنَصُومُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا)! وَهَذَا خَطَأٌ قَبِيحٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى خَطَئِهِ: نَصَّانِ عَنْ رَسُولِ الْإِسْلَامِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ-: أَمَّا النَّصُّ الْأَوَّلُ: فَقَوْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ-: »الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ«، وَفِي لَفْظٍ: »الصَّوْمُ يَوْمَ يَصُومُ النَّاسُ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ«؛ فَلَيْسَ الصَّوْمُ عِبَادَةً فَرْدِيَّةً -أَعْنِي: صِيَامَ رَمَضَانَ-؛ وَإِنَّمَا هُوَ عِبَادَةٌ جَمَاعِيَّةٌ. وَأَمَّا النَّصُّ الثَّانِي: فَهُوَ حَدِيثُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ -رَضِيَ اللهُ-تَعَالَى-عَنْهُ- قَالَ: (مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ؛ فقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وسَلَّمَ-).

فَاحْرِصُوا -أَيُّهَا الْإِخْوَةُ فِي اللهِ!- عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّة، وَحَاذِرُوا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْبِدْعَةِ، وَتَوَاصَوْا فِيمَا بَيْنَكُمْ بِالْحَقِّ وَالصَّبْرِ وَالْمَرْحَمَةِ؛ فَفِي ذَلِكَ حَيَاتُنَا، وَفِي ذَلِكَ وُجُودُنَا، وَفِي ذَلِكَ قِيَامُنَا وَقِوَامُنَا، وَفِي ذَلِكَ سَعَادَتُنَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَبِقَدْرِ مَا نَتَخَلَّفُ عَنْ هَذِهِ الْحَقَائِقِ، وَبِقَدْرِ مَا نُخَالِفُ أَمْرَ اللهِ، وَبِقَدْرِ مَا يَكُونُ فِينَا مِنَ الْكَذِبِ وَالظَّنِّ وَسُوءِ الْقَوْلِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْقَوْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالتَّكَلُّمِ بِغَيْرِ عِلْمٍ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ فِينَا مِنَ الضَّلالِ وَالْإِضْلالِ وَالانْحِرَافِ، كَمَا قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلامُ-: »إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا فَاسْتَفْتَوْهُمْ فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ«، وَفِي رِوَايَةٍ: »فَأَفْتَوْا بِرَأْيِهِمْ؛ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا«.

أَعَاذَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِن الضَّلَالِ وَالْإِضْلَالِ، وَجَعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَأَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ -جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَعَظُمَ فِي عَالِي سَمَاهُ- أَنْ يُوَفِّقَ مَلِكَ الْبِلَادِ لِمَا فِيهِ الْعَمَلُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلِمَا فِيهِ صَلاحُ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ؛ إِنَّهُ -سُبْحَانَهُ- وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمينَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خطبة الجمعة عنوانها فضائل شهر شعبان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خطبة الجمعة عنوانها فضائل شهر رمضان المعظم
» خطبة الجمعة عنوانها ذم الانتقام
» خطبة الجمعة عنوانها الامتحانات
» خطبة الجمعة عنوانها الاحتكار خلق ذميم
» خطبة الجمعة عنوانها: كيف نستقبل شهر رمضان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات المبدعين العرب :: اسلاميات :: التوحيد و العقيدة و الدعوة إلى الله-
انتقل الى: