. الفضيل بن عياض- رحمه الله-:
قال هارون الرشيد: ما رأت عيناي مثلَ الفُضيل بن عياض، قال لي -وقد دخلت عليه-: يا أمير المؤمنين، فرِّغ قلبك للحزن والخوف حتى يسكناه، فيقطعاك عن معاصي الله، ويباعداك من عذاب النار.
وقال يحيى بن أيوب: دخلت مع زافر بن سليمان على الفضيل بن عياض بالكوفة، فإذا الفضيل وشيخ معه، قال: فدخل زافر وأقعدني على الباب. قال زافر: فجعل الفضيل ينظر إلي ثم قال: يا أبا سليمان، هؤلاء أصحاب الحديث، ليس شيء أحب إليهم من قرب الإسناد، ألا أخبرك بإسناد ولا شك فيه، عن رسول الله، عن جبريل، عن الله: {نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} فأنا وأنت يا أبا سليمان من الناس، قال: ثم غشي عليه وعلى الشيخ، وجعل زافر ينظر إليهما. قال: ثم تحرك الفضيل، فخرج زافر وخرجت معه، والشيخ مغشي عليه.
وعن إبراهيم بن الأشعث قال:كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة، لا يزال يعظ ويذكر ويبكي؛ حتى لكأنه يودع أصحابه، ذاهب إلى الآخرة؛ حتى يبلغ المقابر فيجلس، فكأنه بين الموتى جالس، من الحزن والبكاء، حتى يقوم ولكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها.
5. علي بن الفضيل... قتيل القرآن:
قال محمد بن بشر المكي: كنا يوماً ماضين مع علي بن الفضيل، فمررنا بمجلس بني الحارث المخزومي، ومعلمٌ يعلم الصبيان، قال: ويقرأ: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} فشهق ابن الفضيل شهقة خرَّ مغشياً عليه، فجاء الفضيل فقال: بأبي قتيل القرآن! ثم حمل، فحدثني بعض من حمله أن الفضيل أخبره أن علياً ابنه لم يصل ذلك اليوم الظهر ولا العصر، ولا المغرب ولا العشاء، فلما كان في جوف الليل أفاق.
وقال أبو بكر بن عياش: صليت خلف فضيل بن عياض صلاة المغرب، وإلى جانبي علي ابنه، فقرأ الفضيل: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فلما بلغ: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} سقط عليٌ مغشياً عليه، وبقى الفضيل لا يقدر يجاوز الآية، ثم صلى بنا صلاة خائفٍ، قال: ثم رابطت علياً فما أفاق إلا في نصف الليل.
فوائد الخوف:
1. الفوز بالجنة والنجاة من النار.
2. يُبعد الإنسان عن الوقوع في المعاصي.
3. الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة.
4. دليل على كمال الإيمان.
5. يثمر محبة الله وطاعته.
6. يورث المسلم الشفقة على الخلق.
7. دليل على صفاء القلب وطهارة النفس.
8. سبب لهداية القلب.
9. يحمل الإنسان المسلم على التخلق بالأخلاق الحسنة وتجنب الكبر والعجب12.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليماً كثيراً.
1- للاستزادة انظر المقاييس 2/230. والصحاح 4/1358. واللسان خوف 9/99 ط/ بيروت. والقاموس 3/139 (خوف). نقلاً عن موسوعة نظرة النعيم لمجموعة من الباحثين.
2- المفردات 161.
3- التعريفات 101.
4- التخويف من النار لابن رجب 6-7.
5- بصائر ذوي التمييز للفيروز أبادي (2/578-579) بتصرف. نقلاً عن موسوعة نظرة النعيم لمجموعة من الباحثين.
6 - قال في الترغيب والترهيب: رواه أحمد بإسناد جيد، والبغوي في شرح السنة.
7- صححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (955).
8 - رواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم وقال: حديث صحيح وأقره الذهبي. وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم (799).
9 - رواه أحمد وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
10 - رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
11 - رواه أحمد وقال العراقي في تخريج الإحياء: إسناده جيد.
12 - موسوعة نظرة النعيم 5/19900 بتصرف.